مغامرات سنج - مواجهة التورتوجا«قصص خيالية جديدة»

مرحبا بك عزيزي القارئ في مدونة الكاتب «إسماعيل أليكس» وهي مدونة أدبية تنشر بأستمرار قصص فانتازيا جديدة وقصص خيال علمي وقصص خيالية للأطفال، فأرجو أن تنال كتاباتي المتواضعة علي أعجابك كما أرجو أن تخبرني برأيك في التعليقات أسفل القصص الأدبية.


 مغامرات سنج

( مواجهة التورتوجا)

قصص خيالية جديدة




 

لم أكن أعلم أنني سأواجه كل هذا، وحوش وديناصورات منقرضة منذ مئات السنين ومخلوقات غريبة الشكل وحيوانات تتحدث كالبشر ومغامرة كبيرة وأرث رهيبا وكائن عجيب لم أر مثله من قبل.

البداية عندما توفي جدي، كان يوما حزينا علي الجميع، كان جدي أستاذ الفيزياء بجامعة الإسكندرية بمصر، وقدم كثير من الدراسات والأبحاث العلمية عن الثقوب السوداء أهلته لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة الإسكندرية.

عندما كنت صغيرا كان جدي -رحمه الله- يحكى لي كثيرا من القصص الخيالية الرائعة وكانت لديه مكتبة كبيرة. لكني لم أدخل كلية العلوم مثل أبي وجدي بل أحببت الهندسة وأصبحت مهندس كمبيوتر أعمل في إحدى شركات الاتصالات بالإسكندرية، وفي آخر خمس سنوات له في الجامعة كان جدي يقضي معظم وقته في الجراج مع سيارته قديمة الطراز التي ورثها عن أبيه، وكان الجميع يسمع صوت انفجارات وفرقعة مدوية فيركضون سريعا نحو الجراج خشية أن يكون أصابه مكروه لكنهم يرونه بخير عادة عدى بعض الكدمات في وجه وجسده، وعندما كانت جدتي تسأله بخوف:

"ماذا حدث؟"

كان يجيب مبتسما:

"لقد كنت أصلح سيارة أبي"

وكما أخبرتني جدتي كثر الشجار بينهما وفي بعض الأحيان كان جدي ينزل للمبيت في الجراج بجوار السيارة وبعد وفاته أعطتني جدتي صندوقا خشبيا صغيرا وأخبرتني أن جدي تركه لي.

ذهبت إلى غرفتي جلست وفتحت الصندوق الصغير لأجد مجموعة من الأوراق اصفرت قليلا بفعل الدهر ومعها كتيب صغير فتحته لأجد فيه رسومات هندسية لسيارة استنتجت وقتها أنها سيارة جدي.

استغربت كثيرا وتساءلت في نفسي "لماذا يعطيني جدي رسومات هندسية لسيارته؟ وما الذي يريد أن يخبرني به؟"

دال الصندوق وجدت رسالة مكتوب في أعلاها:

رسالة إلى حفيدي العزيز

ورغم فضولي الشديد ألا أنني أعددت لنفسي فنجانا من القهوة وعدت أجلس علي مكتبي داخل غرفتي وأخذت أقرأ رسالة جدي التي تركها لي:

"حفيدي العزيز، أضع بين يديك الآن أرث كبيرا لا يقدر بثمن فأرجو أن تحافظ عليه وأن لا تضيع سنوات تعبي هباء وأن لا تدع أي مخلوق يضع يده عليه، وأنا أعدك يا عزيزي أنك ستجد متعتك فيه كما كنت تجدها في القصص الخيالية التي كنت أقصها عليك وأنت صغير"

استغربت كثيرا من تلك الرسالة فكنت أظن أن جديا سيترك لي أرث من المال لكن بدلا من ذلك يترك لي سيارة قديمة متهالكة والأدهى من ذلك أنه يسميها "أرث"

ولكن مهلا

ما سر هذا الاهتمام الكبير لجدي بهذه السيارة؟

وما المتعة التي سوف أجدها في تلك السيارة؟ هل طورها جدي لتصبح ذات إمكانات حديثة تناسب طموحاتي كشاب؟ لا أعلم ولكن ذاد شغفي آلاف المرات خاصة بعدما قفزت هذه الأسئلة إلى عقلي فأخرجت بقية الأوراق من الصندوق الخشبي وأخذت أطالعها لأجدها تعليمات لاستخدام السيارة فاستغربت الأمر أكثر لذلك تركت فنجان القهوة وأخذت الصندوق الصغير بمحتوياته وأسرعت نحو الجراج.

كانت الساعة تقارب الرابعة عصرا في عطلة نهاية الأسبوع، ضغطت زرا على الحائط بجوار باب الجراج فبدأ يرتفع ببطيء كاشف عن مساحة تتعدى السبعة أمتار طولا وثلاثة أمتار عرضا، وعلقت على جدرانه أرففا خشبية وضعت عليها الكثير من الأدوات والمعدات الصغيرة، كان المكان تعمه الفوضى بعض الشيء فأرضيته مليئة بعلب صغيرة فارغة وأسلاك كهرباء ذات سمك كبير لتتحمل الضغط العالي للكهرباء وأمامي مباشرة كانت تقفو السيارة كعروس تتباهى بيوم زفافها، فعلى الرغم من مرور وقت طويل عليها ألا أنها كانت نظيفة وكأن هناك من يقوم بتنظيفها دائما،

التقطت إحدى العلب المعدنية الفارغة من على الأرض وقرأت عليها بالإنجليزية كلمة "هيدروجين"

أخذت أحدق للعلبة طويلا والسؤال يلح على عقلي

ماذا كان يفعل جديا بغاز الهيدروجين؟

نظرت للسيارة طويلا فكانت من نوعية السيارات الصغيرة التي تحمل فردين فقط بداخلها، فتحت باب السيارة وجلست خلف عجلة القيادة وأنا أحدث نفسي:

"أهذه السيارة تسميها- أرث- يا جدي؟ سامحك الله"

حاولت تشغيل السيارة ولكن أين المفتاح؟ أخذت أبحث دون جدوى لكن تذكرت الصندوق الصغير فقد وضعته بجانبي علي المقعد المجاور، أخرجت أوراق التعليمات وقرأت... الورقة الأولى:

"أولا: أجلب معك أربع عبوات من غاز الهيدروجين من فوق الأرفف، ثانيا: قبل تشغيل السيارة يجب ضبط التوقيت أولا على أربعة أصفار- هام جدا- ثم بعد ذلك أغلق الأبواب والنوافذ جيدا، ستجد المفتاح داخل علبة صغيرة في المطبلين وبعد ذلك مباشرة أفتح عبوتين من غاز الهيدروجين داخل السيارة- هام جدا- بعدها قم بتشغيل السيارة وأدعو ربك يا بني أن تبقي حيا"

انفجرت ضاحكا داخل الجراج وأنا أسأل نفسي بسخرية كبيرة:

"ما هذا يا جدي؟ هل سوف أقوم بتشغيل مفاعل نووي؟"

أخذت وقتا حتى هدأت من الضحك لكن شغفي تضاعف آلاف المرات وأنا أقول لنفسي:

"لماذا لا أجرب هذا؟ ولنرى ما سيكون؟" خرجت من السيارة وجلبت عبوات من غاز الهيدروجين ثم عدت مرة أخرى- لكني لم ألاحظ أن هناك أسلاك كهرباء كبيرة متصلة بمؤخرة السيارة- وقمت بتنفيذ التعليمات جيدا وأدرت مفتاح التشغيل بعدما فتحت عبوات

الهيدروجين و...

وبدأ كل شيء حولي في المكان يتغير

ثقل الهواء فجأة وثقلت أنفاسي معه، وشعرت بالسيارة تهتز بحركة غير عادية بعدها رأيت طلاء الجدران يتساقط مع الأرفف والبناء ثم الجدران، كل شيء يتساقط وشعرت بالهواء ثقيل من حولي أكثر وأكثر فهتفت بخوف كبير:

"يا أللهي ماذا يحدث؟"

فجأة رأيت العبوات والأدوات داخل الجراج ترتفع من حولي في الهواء ببطء كأن هناك سحرا في المكان يتحكم بها وكذلك أرتفعت السيارة بي ببطء في الهواء بينما أنا أصرخ مستغيثا بصعوبة لنقص الهواء في صدري: "ماذا يحدث؟ أنجدوني... أنجدوني"

تشبثت أكثر بالمقعد وعجلة القيادة وفى تلك اللحظة تغير المشهد أمام عيني ولم يعد للجراج وجود، وبعدما وجدت نفسي معلق في الهواء سقطت السيارة فجأة على الأرض بدوى هائل وكدت أن أصاب في وجهي وأخذت أسعل بقوة محاول التقاط أنفاسي وأختفي كل شيء فجأة.

بعدها نظرت أمامي لأجد نفسي وسط أدغال كبيرة، مراعى خضراء وأشجار خيل إلي أن لها ملامح كالبشر، أشجار ضخمة بشكل غريب فقلت لنفسي وأنا خائف ومتعجب أيضا:

"ما هذا؟ أين منزلي؟ أين أنا؟ أين أنا؟"

وكانت هذه بدايتي في هذا العالم العجيب الذي وجدت نفسي فيه فجأة

"لقد فعلها جدي، لقد أخترع آلة للزمن"

هذا ما أعتقدته أنا ولكني كنت مخطئا. أنتابنى الذهول وأنا أنطق بتلك الجملة وعيناي تتفحص المكان حولي بذهول، أذا هذا هو الإرث الذي تحدث عنه جدي وأخبرني أنني سوف أجد متعتي فيه، لقد ظل لسنوات يبحث ويجرب حتى حول سيارته لآلة زمن ولكن مهلا هل يستطيع الإنسان حقا أن يخترق الزمن بوسيلة ما؟ بالطبع لا فلقد أخبرنا الله -سبحانه وتعالى- بذلك في القرآن الكريم أن ليس بمقدور أحد أن يفعل ذلك سواء إنسان أو حتى جان، أذا هذه ليست آلة زمن بالمعنى المفهوم وإنما وسيلة للتنقل بين الأبعاد الكونية واكتشاف عوالم أخرى في أبعاد أخرى دون فارق زمني بالمعنى الحقيقي، فهذا هو دور العلم اذا، الأكتشاف والتطور.

أذا من المؤكد أنني الآن في نفس توقيت عالمي لكن في بعد آخر أوفي مجرة أخرى ولكن كيف فعلها جدي؟ والأهم من ذلك كيف أعود لعالمي؟

فجأة سمعت صوتا ما، صوت قريب يأتي من مكان ما، صوت أقدام تضرب الأرض بقوة فنظرت حولي يمينا ويسارا ومن بعيد وتحديدا من بين أشجار الغابة الكثيفة ظهرت أحصنة بيضاء جميلة يمتطيها بشر عراة الصدور ويحملون الرماح والسيوف في أيديهم وأخذوا يركضون نحوي لكن... كانت المفاجأة... أنهم القناطير

أنها مخلوقات غريبة الشكل نصف بشر ونصف حصان

إنسان بأربع أرجل، أرجل أحصنة كاملة.

وقفت أنظر أليهم مشدوها حتى اقتربوا منى وهم يحملون رماحا قوية صنعت من فروع الأشجار وظهرت على وجوههم ملامح الغضب وهتف أحدهم:

"من أنت؟ وماذا أتى بك إلى أرض القناطير؟"

"القناطير"

هذه المخلوقات تسمي بالقناطير، أنني لم أر هذه المخلوقات ألا في أفلام الخيال العلمي فقط، لم أعلم ماذا أقول وقتها؟ فظللت صامتا أنظر أليهم باستغراب كبير، ما هذا المكان؟ وما هذه المخلوقات العجيبة؟ اقتادونا إلى الملك وكان أكبرهم حجما، رأيت عائلات منهم نساء تضع لبأس من أوراق شجر "الكاستنيا" العريض على أجسادهن وصغار ذات أربع أرجل بهرتني شقاوتهم، الكل يبادلني نظرات الاستغراب ويتحدثون لغة غريبة لا أعلم ما هي؟ ولكن الأغرب أنني أفهمها أيضا، بعد وقت قليل سألني الملك "كيف جئت إلى أرضنا؟"

لا أعلم ماذا أقول؟ إنني لم أفق بعدا من هذا الحلم العجيب وحتى الآن لا أصدق ما أراه أمامي لذلك أمر الملك بحبسي في سجنهم، كان السجن في عالمهم أشبه بمنازلهم والتي تشبه إصطبلات الخيل في عالمنا غير أنها أكبر حجما وطولا ومرصعة بالزهور بمختلف ألوانها ويقف عليها حراس أقوياء كما تنتشر المراعي الخضراء في أراضيهم في كل اتجاه.

مرت ثلاثة أيام- حسب تعاقب الليل والنهار- كانوا يضعون لي طعامي من الفاكهة فقط فيبدو أن هذا هو طعامهم الأساسي هنا وفي اليوم الرابع حدث شيء رهيب ومخيف

لقد رأيت "التورتوجا"

التورتوجا، وحوش أسطورية لكنها ليست ديناصورات، أنها وحوش لها قوائم أربعة كالبشر –يدان وقدمان –ووجه كبير مجعد وعينان تشبه أعين الثعابين صلعاء الرأس لها قرنان كبيران كالثور وطولها يفوق الثلاثة أمتار بينما أجسادها في حجم الخرتيت تقريبا، كانوا يملكون أيديا تنتهي بعظام لها حواف حادة تشبه الساطور الذي نستخدمه في تقطيع اللحم، كانوا خمسة من وحوش التورتوجا انقضوا على عشيرة القناطير وأخذوا يقتلون ويهدمون المنازل ورأيت من خلفهم جيش جرار سمعت ملك عشيرة القناطير يهتف باسمهم

"أنهم الأورك " كائنات تشبه البشر أيضا ولكنهم مسوخ قصيرو القامة لهم وجوه بشعة سوداء البشرة بها شقوق قوية في جلدها كالنحت على الخشب، ولها عينان حمراء ذو قرنية أو حدقة سوداء مخيفة ذادت من بشاعة أشكالهم بينما تنتهي أيديهم بمخالب حيوانية طويلة كالمستذئبين وأقدامهم لها حوافر تضرب الأرض بقوة وكانوا يرتدون جلود الحيوانات على أجسادهم وتلمع السيوف في أيديهم تحت أشعة الشمس، وقاتل ذكور القناطير ببسالة ولكن الغلبة كانت لجيش "الأورك" لذلك أمرهم ملك القناطير بالهروب فورا خاصة بعد ما قتل الكثير منهم وهدمت الكثير من المنازل كما تم أسري مع بعض أفراد القناطير واقتادونا مقيدين الأيدي وساروا بنا لوقت طويل وسط الأدغال وخيل إلي أن الأشجار تبتسم بسخرية لنا. وصلنا إلى منطقة كبيرة وسط الأدغال والأحراش منطقة كئيبة مخيفة الشكل تبث الرعب في قلوب أشجع الرجال.

ورأيت ثعابين يبلغ طولها العشرون مترا تتمدد فوق فروع الأشجار التي لاحظت أنها قاسية الملامح أيضا، فجأة أنفتح فم كبير من إحدى الأشجار وألتقط أحد الثعابين بداخله فأرتعد قلبي من هذا المشهد وسط ذهولي الكبير، أشجار حية لها فم وأعين كالبشر، يا البهي ما هذا العالم الذي العجيب؟

أدخلتنا مسوخ " الأوبك " داخل أقفاص كبيرة ذات رائحة نتنة ورأيت بعض عظام لكائنات ميتة تفترش الأرض أمامي فذاد رعبي أكثر، كانت مجموعة من الأقفاص تتخذ حيزا من منطقة واسعة أسفل تل كبير يقف في أحد جوانب هذه المنطقة وانتشرت مسوخ الأوبك في كل مكان، وظهر ملك " الأوبك " بجسده الكبير نسبيا وهو يتحدث بلغة لم أفهمها لكن أحد القناطير ترجمها بهلع انتاب نفسه:

"سوف يأكلوننا أحياء"

وضج المكان بهتاف وصياح مسوخ الأوبك ووحوش التورتوجا البشعة فكنا نحن بمثابة وليمة صيد كبيرة بالنسبة لهم فهذه الكائنات تأكل اللحم الحي وكان هذا واضحا من بقايا الفرائس التي قاموا بصيدها، ووسط فرحتهم بدء ذكور الأوبك ينشدون بكلمات ذاد الرعب في قلوبنا:

أضرب هنا وهناك

أضرب بقوة وفجر الدماء

صيد ثمين ولحم وفير

سنأكل حتى تمتلئ البطون

سنأكل حتى تغفل العيون

أضرب هنا وهناك

أضرب بقوة وفجر الدماء

وبينما ننتظر مصيرنا المحتوم داخل الأقفاص سقط شيء ما فجأة فوق القفص لكنه لم يحدث صوتا عاليا فنظرت لأعلى لأرى شيء ما يتحرك بسرعة وخفة فلم يلاحظه أحد من " الأورك " ثم بعدها قفز واقفا بجوار القفص ورأيته فقد كان... سنجاب

نعم سنجاب في حجم كلب كبير له فرو أبيض اللون كثيف الشعر وذيل كبير أحمر اللون يتخلله شريط أصفر في منتصفه فكان مشهده جميلا بحق مما جعلني هذا أتمتم في نفسي "سبحان الخالق العظيم" في تلك اللحظة وجدته يقول لي:

"أنت أيها الأحمق" نظرت له بذهول وأنا أتساءل:

"أنت تتحدث أيضا كالأشجار؟!"

"نعم أيها الغبي فلتقف أمامي هنا حتى لايراني أحد- الأورك - لأستطيع أن أخرجكم من هنا"

قالها السنجاب وهو يشير إلى بأصابعه الصغيرة نحو باب القفص، هنا تحرك أحد القناطير مردفا بصوت خفيض لئلا يسمعه إحدى الأورك :

"أنا سأفعلها" وتحرك واقفا أمامه فأختفي حجم السنجاب العجيب خلفه وبدأ يفتح باب القفص الذي كان مغلقا بمجموعة من السلاسل الحديدية وبينما هو كذلك همس أحد القناطير إلى:

"إنهم يصنعون أسلحتهم خلف هذا التل ويستخدمون الزهرة الحمراء لذلك"

استنتجت أن الزهرة الحمراء هي النيران ويبدو أن القناطير يخشونها كثيرا ولكن من الذي لا يخشاها؟ أخيرا استطاع السنجاب أن يفتح الباب بهدوء وكان يجب علينا أن نغادر بهدوء لكن خوف القناطيرجعلهم يركضون سريعا دافعي الباب بقوة وسقط السنجاب أرضا فتألم وهو يهتف:

"أيها الحمقى"

لكن أحد القناطير عاد سريعا وهو يقول:

"أقفز فوق ظهري" في تلك الأثناء كانت مسوخ الأورك قد رأت هروب القناطير وانطلقوا يطاردونهم بغضب كبير بينما أشار ملكهم نحونا بيده فتحرك بعضهم نحونا مع وحوش التورتوجا المخيفة وأخذوا يقتربون منا، هنا حدث أغرب ما رأيته حتى الآن في ذلك العالم فقد قفز السنجاب نحو أقرب مسخ من " الأورك " وركله بقدمه بقوة ثم قفز فوقه وأخذ يضرب فيه سريعا ثم أمسك سيفه وركض نحو أقرب وحوش التورتوجا الذي رفع يده الحادة وهوى بها نحو السنجاب لكنه تفاديها وأندفع نحو اليمين بخفة ثم غرس سلاحه في صدر الوحش العملاق وشقه فسقطت أحشاؤه ببشاعة أمام الجميع قبل أن يسقط جسد وحش التورتوجا أرضا. وهتف السنجاب بصوت عال وبقوة لم أشهد لها مثيل من حيوان بهذا الحجم:

"حسنا أيها الحمقى... من التالي؟"

ويا للعجب

فقد رأيت وحوش التورتوجا تتراجع قليلا للخلف بينما أنظر أنا والقنطور بذهول إلى هذا السنجاب المقاتل، لكن ملك الأورك صاح فيهم بغضب فأفاق الجميع من ذهولهم وانقضوا جميعا على السنجاب الذي أنقذ حياتنا للتو ولكنه قاتل بضراوة كمحارب صنديد يقاتل أعتى الجيوش فرأيته يقفز من هنا إلى هناك ومن فوق جثة هذا إلى رأس هذا ويفصلها عن جسدها ويشق جسد هذا ثم ينحني ليتفادى ضربة سيف من إحدى الأورك ثم يقف ليغرس سيفه في عنق آخر، كان يتحرك بخفة يحسد عليها ولكن عاجلا إن آجلا سوف تكون الغلبة للكثرة لذلك كان يجب التدخل وإنقاذه فورا، وبالفعل وجدت نفسي أمتطي ذلك القنطور وأصيح به عاليا:

"هيا الآن"

وأنطلق القنطور بي إلى قلب المعركة وركل بقدميه الخلفيتين اثنان من الأورك ثم مددت يدي نحو السنجاب صائحا بقوة:

"أقفز الآن"

وبالفعل لم ينتظر السنجاب وأمسك بيدى قافزا خلفي فوق القنطور الذى أنطلق سريعا مغادرا المكان وركضت خلفنا مسوخ الأورك وتبعتها وحوش التورتوجا، ركضنا بقوة وشعرت بخوف القنطور الذى كان يسابق الريح وما أن غادرنا الأدغال حتى لاحت لي سيارة جدي من بعيد فهتفت بلهفة:

"أنطلق نحو هذه السيارة هناك"

بالطبع لم يفهم القنطور ما أعنيه لكن السنجاب قال سريعا له "أذهب إلى هذا التل الصغير"

وبالفعل ركض القنطور نحو السيارة وما أن وصل إليها حتى قفزت من فوق ظهره وقفز السنجاب خلفي وفتحت باب السيارة الصغيرة ودخلت سريعا بينما فى المرآة الصغيرة الجانبية رأيت مسوخ الأورك ووحوش التورتوجا تركض نحونا وعلى وجوهها كل غضب العالم، كان خوفي يسيطر على ويشل تفكيري فنظرت سريعا إلى الأوراق داخل الصندوق الخشبي الصغير ثم بدأت أنفذ التعليمات التي وردت بها فقمت بفتح عبوتى الهيدروجين وضبطت توقيت السيارة على أربعة أصفار

الوحوش تقترب

يداى ترتعشان من الخوف

حاولت أدخال مفتاح السيارة في مكانه لكنه سقطت منى وشعرت بالأرض تهتز من تحت السيارة، بالتأكيد أنها وحوش التورتوجا التى أقتربت كثيرا منى، أخيرا أمسكت المفتاح وأدخلته في مكانه وقمت بتشغيل السيارة لكن عندما نظرت في مرآة السيارة رأيت ما جعل قلبي يهوي أرضا، فقد كان أحد وحوش التورتوجا يقفز عاليا ليهوى بيديه الحادة القاتلة فوق سيارة جدي في نفس اللحظة التي أرتفعت السيارة في الهواء وسقطت بدوى هائلا مع ظهور شعاع من الضوء غمر وجهي جعلني اغلق عيني وبعدها وهدأ كل شئ في لحظات وتغير المشهد تماما حولي فوجدت نفسي في مكان آخر.

"ما هذا؟ ما هذا؟"

صرخت عاليا وأنا أنظر حولي لتلك الصحراء ذات الرمال الذهبية.

لقد أخذتني سيارة جدي إلي عالم آخر، صحيح أنني نجوت بعناية الله من الأورك ووحوش التورتوجا لكنني لم أعد إلي عالمي بعد.

فجأة شعرت بحركة مريبة خلف السيارة فتقدمت ببطئ لأري ماذا يوجد خلفها؟ لكني لم أصدق ما رأيته

"مرحبا أيها الأحمق"

نظرت للسنجاب العجيب والمقاتل الكبير الذي جلس علي الأرض أمامي وظهر عليه التعب والأجهاد نتيجة للنقلة الكونية التي حدثت للتو، لم أعلم ماذا أفعل وقتها؟ ولكنني أحببت هذا الحيوان الصغير وأصبحنا نحن الأثنان بعيدان تماما عن عالم كل منا.

أطلقت عليه أسم "سنج المحارب"

الأن نحن ضائعون في هذا العالم الآخر الذي كانت لنا فيه مغامرة أخري كبيرة ورهيبة... فلقد واجهنا الجرانصور.

تمت -بحمد الله-

قصص أخري «أورا - صراع الممالك» 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

«أورا - صراع الممالك» روايات فانتازيا عربية

«في قلبي سمكة» قصص خيالية للأطفال